-

أسباب الكذب المرضي وعلاجه في علم النفس

(اخر تعديل 2024-09-09 11:09:39 )

الكذب المرضي أو مرض الميثومانيا من الاضطرابات النفسية المبهمة والتي تتشابك وتتداخل مع مشاكل واضطرابات نفسية أخرى، حيث لا يتعامل الطب النفسي وعلم النفس مع الكذب القهري بوصفه اضطراباً مستقلّاً يمكن تشخيصه وعلاجه بشكل منفرد، بل يصنّف الكذب المرضي عرضاً مصاحباً لاضطرابات ومشاكل نفسية أخرى، مثل اضطرابات الشخصية واضطرابات الهوس.

الكذب المرضي (بالإنجليزية: Pathological Lying) هو حالة من الكذب المستمر المزمن أو القهري، حيث يكذب الشخص بشكل اعتيادي دون وجود غاية أو هدف من الكذب في معظم الأحوال، وقد يصل الكذب المرضي إلى حالة أكثر تعقيداً حيث يكذب الشخص ويصدق كذبته وقد يبني عليها المزيد من القصص المختلقة ويختلق أكاذيب جديدة لدعم امتداد الأكاذيب الأولى.

الكذب المرضي أو مرض الكذب -يعرف أيضاً باسم -Pseudologia Phantastica ليس اضطراباً نفسياً مستقلاً، ولا يتم التعامل معه بوصفه مرضاً قائماً بحد ذاته أو يتم علاجه بشكلٍ مستقل، كما أن الكذب المرضي ليس مصنّفاً في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية والنفسية (DSM-5)، بل يعتبر مظهراً أو عرضاً لاضطرابات نفسية أخرى مثل اضطراب الشخصية النرجسية واضطرابات الهوس والوسواس القهري.

يسمي علم النفس مرض الكذب باسم (الكذب المرضي -Pathological Lying) كما تسمى حالة الكذب الخارج عن الإرادة باسم الكذب القهري (Lying Compulsively) وعلى الرغم أن الاسمين يدلان على مرض الكذب المستمر المزمن، إلّا أن البعض يميلون بينهما بوصف الكذب المرضي يتميز بحالة من الوعي والإرادة، مقارنة بفقدان الإرادة والسيطرة في الكذب القهري، لكن لا يوجد فروق تشخيصية واضحة بين المصطلحين.

من أسماء مرض الكذب المعروفة "مرض الميثومانيا -Mythomania" أو هوس الخيال والأساطير، حيث يركّز مرض الكذب غالباً على رسم صورة خيالية للذات تصوّر الشخص الكاذب والذي يصدق كذبته كبطل أو شخص فوق العادة، وكلمة ميثومانيا مشتقة من اليونانية من مقطعين: (Mythos) والتي تعني الأساطير، وكلمة (Mania) التي تعني هوس أو جنون.

أسباب مرض الكذب ليست واضحة تماماً، لكن في معظم الحالات تعتبر الاضطرابات النفسية واضطرابات الشخصية أهم أسباب الكذب القهري أو المرضي، كما تعتبر تجارب الطفولة المبكرة من أسباب الكذب المرضي المحتملة، عندما تكون آثار هذه التجارب داعمة لسلوك الكذب كوسيلة دفاعية، كما يعتقد أن مرض الكذب يرتبط أيضاً بعوامل اجتماعية معقدة تجعل الفرد مدمناً على اختلاق الأكاذيب:

  • اضطرابات الشخصية والاضطرابات الوجدانية:

    تعتبر اضطرابات الشخصية والاضطرابات العاطفية والوجدانية أكثر الأسباب شيوعاً للكذب المرضي أو القهري، مثل اضطراب الشخصية النرجسية والشخصية الحدية واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، حيث ترتبط هذه الاضطرابات بالكذب كوسيلة دفاعية تساعد المريض على بناء عالم آمن وإن كان مزيفاً، أو اكتساب التعاطف والاحترام، أو تجنب الهجر والفراق، وأبرز الاضطرابات التي يظهر فيها الكذب المرضي:
    • اضطراب الشخصية النرجسية.
    • اضطراب الشخصية الحدية.
    • اضطراب ثنائي القطب.
    • اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
    • اضطراب الشخصية الوسواسي والوسواس القهري.
    • اضطراب الشخصية الاعتمادية (التعلّق المرضي).
    • اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
    • اضطراب الشخصية التجنبي أو الشخصية المتجنِّبة.
    • اضطراب الشخصية المرتابة أو جنون العظمة "البارنويا".
    • اضطرابات الإدمان النفسي والسلوكي مثل هوس السرقة.
  • هل الكذب المرضي وراثي!

    هناك بعض الأبحاث التي أشارت إلى إمكانية وجود أسباب جينية وراثية للكذب القهري أو الكذب المرضي، مع ذلك لا يوجد أدلة كافية على تأثير العوامل الوراثية على مرض الكذب، ويظل الارتباط الأقوى للكذب المرضي مع الاضطرابات العقلية والنفسية، ومع المشاكل والتجارب الاجتماعية وتأثير البيئة والمحيط.
  • تجارب الطفولة والتجارب الحياتية:

    يمكن أن يكون سبب الكذب المرضي التعرض لتجارب قاسية في الطفولة من التعنيف والإهمال العاطفي، وبدرجة أقل حدّة من الاضطرابات النفسية والعقلية قد تكون التجارب الحياتية سبباً للكذب المرضي والقهري، حيث يلجأ الشخص للكذب بشكل متعمّد ومستمر لتجنب أو إنكار مواقف مؤلمة أو سلبية مرّ بها سابقاً، أو للحصول على التعاطف والاهتمام.
  • التربية والعوامل الاجتماعية:

    قد يكون الكذب المرضي انعكاساً للنشأة الاجتماعية في بيئة تشجع الكذب أو تتعامل معه بتساهل، وقد يتعلم الأطفال من الوالدين والمحيط الاجتماعي أن الكذب يمكن أن يعزز من القيمة الاجتماعية والاحترام والتقدير أو التعاطف والاهتمام، فعندما تكذب الأمّ على الآخرين بخصوص الحالة المادية للأسرة أو عمل زوجها أو درجات أبنائها في المدرسة، سيكون ذلك مقدمةً قويّة لتطوير شكل من أشكال الكذب المرضي عند الأطفال.
  • تدني احترام الذات:

    من أهم أسباب مرض الكذب تدني احترام الذات وانخفاض الثقة بالنفس والشعور بعدم الاستحقاق، حيث يقوم الشخص بتطوير وسائل الكذب والخداع لديه للوصول إلى أهداف أو غايات يعتقد أنه غير قادر على الوصول إليها بشخصيته وسماته الأصلية، مثل تزوير حقيقة تحصيله العلمي أو ثروته أو علاقاته العائلية والشخصية أو نفوذه وسلطته.
  • وفقاً لدراسة نشرت في مجلة الأبحاث النفسية والدراسات السريرية (Psychiatric Research & Clinical Practice) تظهر علامات وأعراض مرض الكذب القهري عادةً في سن بين 10 سنوات و20 سنة، وأهم هذه الأعراض اختلاق الأكاذيب والقصص بدون سبب مباشر وبشكل مستمر ومزمن، وعادةً ما تترافق مع ظهور علامات وأعراض اضطرابات الشخصية بشكل واضح:

  • اختلاق قصص خيالية بالكامل والاستمرار بها إلى أبعد حد ممكن، ويمكن أن يبني على القصة المزيفة عشرات القصص المزيفة الأخرى.
  • كذب مستمر ومزمن لا يتم تحفيزه بمحفزات خارجية غالباً، حيث يكون المحفز على الكذب داخلياً.
  • كذب خارج عن السيطرة لكنه واعٍ، حيث يعرف الشخص أنه يكذب لكنه لا يستطيع التوقف.
  • يجد الشخص المصاب بالكذب المرضي نوعاً من المتعة والراحة بالكذب، خصوصاً عندما يلاقي التصديق وينجو من التحقيق!
  • في أغلب الأحوال الكذب المرضي كذب غير هادف، بمعنى لا يهدف للوصول لغايات مادية أو إلحاق الأذى بالآخرين بقدر ما يكون عفوياً-قهرياً ولغايات معنوية ونفسية.
  • قد يظهر المصابون بالكذب القهري المرضي نوعاً من عدم الاهتمام واللامبالاة باكتشاف كذبتهم.
  • يتبنى الأشخاص المصابون بمرض الكذب قصص أشخاص آخرين ويروونها على أنها قصصهم.
  • اتخاذ موقف دفاعي وقد يكون موقفاً درامياً عندما يتم اكتشاف الكذب.
  • يمكنك إجراء اختبار الكذب المرضي لنفسك أو لشخص آخر تعرفه من خلال النقر على هذا الرابط.​​​​​​​

  • علاج الكذب المرضي عند الكبار يعتمد بالدرجة الأولى على العلاج النفسي للاضطرابات النفسية والعقلية المرتبطة بالكذب القهري، حيث يقود علاج اضطرابات الشخصية والاضطرابات النفسية إلى علاج حالة الكذب القهري بوصفها أحد أعراض هذه الاضطرابات.
  • عادةً ما يتم علاج مرض الكذب أو الكذب المرضي عند الكبار من خلال العلاج السلوكي المعرفي وجلسات العلاج النفسي التي تستهدف إعادة بناء المفاهيم والأفكار عند المريض من خلال فهم دوافع الكذب المرضي ومحفزاته، وبناء استجابات جديدة ومختلفة.
  • التنويم الإيحائي المعروف بالتنويم المغناطيسي من وسائل علاج الكذب المرضي عند الكبار، حيث يقوم العلاج على فهم الذكريات والحوادث المرتبطة بالكذب المرضي، وإعادة برمجة العقل الباطن للمريض من خلال الإيحاء لبناء استجابات مختلفة.
  • كما يمثل العلاج الجماعي والدعم الأسري أحد أساليب علاج مرض الكذب عند الكبار، ويعتقد أن للعلاج الجماعي فاعلية كبيرة في تثبيت نتائج ومكتسبات العلاج الفردي وجلسات العلاج النفسي.
  • نادراً ما يصل إلى عيادات الطب النفسي من يطلبون العلاج من الكذب المرضي، لكن الحصول على تشخيص تخصصي للحالة النفسية وأسباب الكذب القهري يعتبر أهم خطوات العلاج، والسيطرة على الاضطرابات النفسية والعقلية أهم إجراءات علاج الكذب القهري.
  • إذا كنت تشعر أنك غير قادر على السيطرة وضبط رغبتك بالكذب، يجب أن تدرك أن هذه الحالة قهرية وتحتاج للحصول على مساعدة متخصصة من مقدمي الرعاية النفسية، ومن الصعب إدارة المشاكل القهرية بشكل فردي ومنه الكذب القهري.
  • اطلب تشخيصاً تخصصياً للكذب المرضي من الطبيب أو المعالج النفسي، فأهم خطوة للتخلص من مرض الكذب القهري هي تحديد محفزاته والروابط بينه وبين المشاكل أو الأمراض النفسية الأخرى.
  • حاول فهم مشاعرك عندما تكذب بشكل قهري، والربط بين هذه المشاعر والتجارب التي مررت بها في حياتك منذ الطفولة، حيث يساعد فهم هذه المشاعر وعلاقتها بطفولتك على التخلص من الكذب المرضي.
  • حاول مقاومة الرغبة في الكذب من خلال الانسحاب من الكذبة في وقت مبكر، ربما يساعدك بناء تنبيهات ذهنية تتذكرها عندما تكذب، مثل جملة "لن أكذب مجدداً" أو "أنت تكذب توقف الآن".
  • تكلم مع شخصٍ تثق به واطلب منه المساعدة، لكن تأكّد من اختيار شخصٍ مقرّبٍ وموثوق، يمكنه أن يساعدك للبدء في رحلة التخلص من مرض الكذب القهري.
  • المصادر و المراجعaddremove

  • "دراسة: الكذب المرضي الدعم النظري والتجريبي لوسائل التشخيص" منشور في ncbi.nlm.nih.gov، تمت مراجعته في 18/6/2023.
  • "متى يصبح الكذب مرضياً أو قهرياً" منشور في psychcentral.com، تمت مراجعته في 18/6/2023.
  • "ما الذي تعرفه عن الكذب القهري" منشور في medicalnewstoday.com، تمت مراجعته في 18/6/2023.
  • "10 علامات للكذب المرضي" منشور في newportinstitute.com، تمت مراجعته في 18/6/2023.
  • "ما هو اضطراب الكذب القهري وكيف تتعامل معه" منشور في tsa.edu.au، تمت مراجعته في 18/6/2023.
  • أحدث أسئلة قضايا نفسية