-

أنماط التوحّد: فهم أعمق وعلاج فعال

(اخر تعديل 2025-08-17 01:58:27 )

الاكتشافات الحديثة حول أنماط التوحّد

يعاني العديد من الأطفال من اضطراب "طيف التوحّد" منذ مراحل مبكرة من حياتهم، حيث قد يظهرون علامات تدل على هذا الاضطراب، مثل عدم القدرة على التواصل البصري أو عدم الاستجابة عند مناداتهم بأسمائهم. في المقابل، هناك أطفال آخرون قد ينمون بشكل طبيعي في السنوات الأولى، قبل أن تظهر عليهم علامات الاضطراب.

يُعتبر اضطراب "طيف التوحّد" حالة مرتبطة بنمو الدماغ، تؤثر على طريقة إدراك الشخص للآخرين وتفاعله الاجتماعي معهم. وهذا يؤدي إلى صعوبات في التواصل والتفاعل مع المحيطين. وفقًا لمؤسسة "مايو كلينك"، يشمل هذا الاضطراب أنماط سلوكية متكررة ومحدودة. ويشير مصطلح "طيف" إلى تنوع الأعراض ودرجات شدتها.

يشمل اضطراب "طيف التوحّد" حالات كانت تُعتبر سابقًا منفصلة، مثل التوحّد، ومتلازمة أسبرجر، واضطراب التلاشي الطفولي. يبدأ هذا الاضطراب عادة في مرحلة الطفولة المبكرة، ومع الوقت، قد يؤدي إلى صعوبات في التكيّف داخل المجتمع، مثل التفاعل مع الزملاء في المدرسة أو العمل.

تظهر أعراض التوحّد عادةً خلال السنة الأولى من الحياة، ومع ذلك، هناك عدد قليل من الأطفال الذين قد ينمون بشكل طبيعي في بداية حياتهم، لكنهم يبدأون بفقدان بعض المهارات بين عمر 18 و24 شهرًا.

هل يوجد علاج فعّال لـ"طيف التوحّد"؟

حتى الآن، لا يوجد علاج نهائي لاضطراب "طيف التوحّد". ولكن التدخل المبكر وتقديم العلاج، خاصة خلال سنوات ما قبل المدرسة، يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في حياة الأطفال المصابين. يعتبر التوحّد أكثر تعقيدًا مما نعتقد، وقد فتحت أبحاث جديدة المجال لفهم أعمق لهذه الحالة من خلال تحديد أربعة أنماط فرعية مختلفة.

أحيانًا يكون من الصعب فهم التوحّد لكونه يظهر بشكل مختلف من شخص لآخر. لذا تم استخدام مصطلح "طيف التوحّد" الذي قد يوحي بأنه مجرد درجات من خفيف إلى شديد، بينما الحقيقة أن التوحّد متنوع وله أنواع مختلفة لا تتبع نمطًا محددًا.

دراسة حديثة نُشرت في مجلة "Nature Genetics" تعد خطوة مهمة في فهم التوحّد. فقد اكتشف الباحثون من جامعة "برينستون" ومؤسسة "سيمونز" أن التوحّد ليس نوعًا واحدًا، بل يتكون من أربعة أنواع فرعية، لكل منها أعراض وجينات مختلفة.

أبحاث تعيد تعريف التوحّد

باستخدام تقنية تدعى "النمذجة التوليدية المختلطة"، قام الباحثون بتحليل قاعدة بيانات ضخمة تحتوي على معلومات سلوكية وجينية لأكثر من 5000 طفل شاركوا في دراسة SPARK للتوحّد، الممولة من مؤسسة "سيمونز". احتوت هذه البيانات على تفاصيل دقيقة عن أعراض كل طفل.

حسب موقع Psychology Today، أطلق الفريق على منهجهم اسم "التركيز على الشخص"، حيث درسوا أكثر من 230 سمة تشمل السلوكيات الاجتماعية، الأفعال المتكررة، ومعالم النمو. هذا الأسلوب الجديد غيّر مسار أبحاث التوحّد التي كانت تركز غالبًا على جينات معينة مرتبطة بأعراض محددة. بدلاً من ذلك، حدد الباحثون أولاً أربعة أنواع فرعية مميزة من التوحّد، ثم درسوا الأنماط الجينية الخاصة بكل نوع.
شراب التوت الحلقة 103

أربعة أنواع مختلفة من التوحّد

التوحّد هو اختلاف في طريقة عمل الدماغ، يؤثر على كيفية تفاعل الشخص مع العالم من حوله، وغالبًا ما يُشخَّص بناءً على صعوبات في التواصل الاجتماعي وسلوكيات متكررة. وكشفت الدراسة عن أربعة أنواع فرعية تختلف في الأعراض ونمو الأطفال:

النوع الأول: أطفال يواجهون تحديات اجتماعية وسلوكية، مع احتمال وجود مشاكل نفسية مثل القلق والاكتئاب وفرط الحركة.

النوع الثاني: أطفال يعانون من تأخر في النمو مثل المشي والكلام، لكنهم عادة لا يعانون من مشاكل نفسية.

النوع الثالث: أطفال لديهم تحديات متوسطة، ويتطورون بشكل طبيعي نسبيًا دون مشاكل نفسية واضحة.

النوع الرابع: (الأقل عددًا) يعاني من تأثر واسع في النمو والتواصل، مع مشاكل نفسية وسلوكية شديدة.

هذه الدراسة تساعد في تحسين فهم التوحّد، وتوضح أن هناك أنواع متعددة تختلف عن التصنيفات التقليدية، مع احتمال وجود أنواع أخرى لم تُكتشف بعد.

فهم أفضل للتوحّد

قالت أولغا ترويانسكايا، الباحثة الرئيسية في الدراسة، لموقع "ميدسكيب" إن "هذا يسهل تشخيصًا أدق وخطط علاج تناسب كل طفل". وأوضحت أن الأبحاث القادمة قد تركز على اختلاف طرق العلاج بين هذه الأنواع.

في الولايات المتحدة، زادت نسبة التوحّد إلى طفل واحد من بين كل 31 في عمر الثامنة، مقارنة بطفل واحد من بين كل 54 في عام 2016، وطفل واحد من بين كل 150 في عام 2000، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض. يُعزى هذا الارتفاع إلى تحسين طرق التشخيص وتوسيع تعريف التوحّد، مما يسمح لعدد أكبر من الأطفال بالحصول على الدعم الذي يحتاجونه. وهذه الأنواع الفرعية الجديدة تعزز بشكل أكبر من دقة التشخيص.

نظرًا لأن الدراسة كانت محدودة، فمن المحتمل وجود أنواع أخرى من التوحّد لم تُكتشف بعد. وأكدت ناتالي ساوروالد، المشاركة في البحث، لمجلة "ساينتفك أميركان" أن "معرفة نوع التوحّد لدى الطفل تساعد العائلات على فهم حالتهم بشكل أوضح والحصول على رعاية ودعم مناسب".